حكى أن أستاذاً مشهوراً في جامعة مرموقة ذهب لكي يرى حكيماً في قرى
اليابان المجهولة. الأستاذ أراد أن يتعلم من هذا الحكيم فن التحكم بالأعصاب
والهدوء.
عندما وصل الأستاذ إلى بيت الحكيم استقبله الحكيم بحرارة
وأجلسه في صدر مجلسه. ثم قام بتحضير الشاي له بنفسه زيادة في احترامه
وتقديره.
وبينما كان الحكيم يحضر الشاي، بدأ الأستاذ يسرد على الحكيم
آراءه في الحياة ووجهة نظره في كل شيء في هذا الدنيا. انتهى الحكيم من عمل
الشاي والأستاذ ﻻ يزال مستغرقاً بسرد أفكاره.
بدأ الحكيم بصب الشاي في
كأس الأستاذ لكن الأستاذ لم يتوقف عن الحديث. استمر الحكيم بصب الشاي حتى
امتلأت الكأس وبدأ الشاي بالطفح من الكأس. عندها توقف الأستاذ فجأة وقال:
- انظر انظر الشاي طفح وسال خارج الكأس
رد الحكيم:
-
أنت مثل هذا الكأس، تطفح بما في داخلك. أوليس حريّا بك أوﻻً أن تفرغ بعض
مما في داخلك لكي أعلمك بعد ذلك فن التحكم بالأعصاب والهدوء
إذهب الى قدرك
في
بلد بعيد، كان هناك طفل اكتشف في يوم ما بيضة رائعة في عش نسر. أخذها ونزل
بها إلى القرية ووضع هذه البيضة في قن الدجاج لكي تحضنها الدجاجات في
مزرعة أبيه.
فقست البيضة، وخرج منها نسر صغير بين الصيصان، وبدأ بأكل الحبوب مثل أخوته.
في يوم من الأيام وبينما كان النسر الصغير يراقب السماء، رأى نسراً يحلّق فوق المزرعة. شعر برج فة في جناحيه وقال لأخوته من الدجاج:
كم أرغب أن أحلّق مثله. ردّ عليه أخوته:
لا تكن غبياً، لا يستطيع أن يحلق على هكذا ارتفاع إلا نسر.
خجلاً
من رغبته التي أظهرها، عاد النسر الصغير يبحث في الغبار عن حبات لكي
يأكلها ومنقاره محني إلى الأسفل. لم يجرؤ بعدها أبداً على أن يناقش في
المكان الذي كان يظن أن الطبيعة قد أعطته إياه.
لو أن هذا النسر الصغير
رفض ما حدده له الآخرون كمستقبل واعتمد فقط على رغبته العارمة بالطيران!
ربما مثل النسر الذي كان يحلق عالياً لكان هو أيضاً حلّق إلى قدره.
إبنى بيتك
في
يوم من الأيام، قرر عامل بناء أن يتقاعد. لقد كان ينوي ترك عمل بناء
المنازل، لأنه يريد أن يرتاح ويعيش في آخر حياته مع زوجته وعائلته الكبيرة.
أخبر مديره بأنه يستطيع تدبير أموره على الرغم من أنه سيفقد معاشه الشهري
فهو يريد أن يتقاعد ولا شيء غير ذلك.
أسف مديره كثيراً لأنه سيخسر
عاملاً جيداً من عماله، وطلب منه إن كان يستطيع قبل تركه العمل أن يبني
منزلاً واحداً فقط. وافق البنّاء على ذلك، لكن هذه المرة كان واضحاً بأن
قلبه لم يكن أبداً في العمل. لقد استخدم مواداً من أدنى النوعيات وكانت
طريقة بنائه غير متقنة على الإطلاق، حتى الكماليات النهائية التي تحسّن من
منظر البيت كانت أسوأ ما يمكن. عندما أنهى العامل البناء، أتى مديره ليرى
البيت.
عندها أعطى مفتاح البيت للبنّاء وقال له: "هذا بيتك...هديتي لك".
صدم البنّاء!
يا للأسف الشديد! ما الذي فعله؟ لو عرف بأنه كان يبني بيته الخاص، لكان أنجزه بشكل مختلف تماماً.
هذا
ما يحدث لنا. نبني حياتنا، في كل يوم وفي كل وقت، نضع في البناء وفي أغلب
الأحيان أقل مما يمكننا فعله. لا بد وأن تأتينا الصدمة يوماً عندما نضطر
للعيش في المنزل الذي عمّرناه.
كل منا هو ذلك البنّاء. وفي كل يوم نطرق مسماراً، نضع حجرة أو نضع باباً...
يقول
أحدهم: "الحياة هي مشروع تنجزه بنفسك". مواقفك وخياراتك التي تصنعها اليوم
تساعد في بناء "المنزل" الذي ستعيش فيه غداً. إذن، فلنعمّر بيوتنا بحكمة!
أنفخ فى النار
في
قديم الزمان وفي قرية بعيدة، كان هناك شاب طموح يسعى لأن يصبح حكيماً. بعد
أن جاب الشاب في بلدته بحثاً عمن يعلمه الحكمة، أشار عليه أحد كبار السن
بأن يذهب بعيداً إلى بلد فيه حدّاد اشتهر بحكمته. يقول البعض أن هذا
الحّداد ربما كان أحكم من أنجبته النساء.
لم ينتظر الشاب حتى الصباح
وقام بحزم أمتعته فوراً وانطلق إلى ذلك البلد الذي يعيش فيه أحكم من أنجبته
النساء. سا ر الشاب ليلاً ونهاراً أياماً وأسابيع. وأخيراً وصل إلى الحكيم
الذي كان يبحث عنه. هرع الشاب إليه وانحنى أمامه ثم طلب منه بخشوع أن
يعلمه الحكمة.
نظر إليه الحداد بتمعن ثم قال له اتبعني. وهنا سار الشاب
وراء معلمه حتى وصلا إلى ورشة الحدادة. حمل الحداد منفخ الهواء الذي
يستخدمه لتأجيج النار في موقد الحدادة. ثم قال للشاب:
انفخ في النار.
نفخ الشاب في النار بكل ما أوتي من قوة واستمر في النفخ بينما كان معلمه يتابع عمله
بعد ساعة وبعد أن أنهكه التعب. قال لمعلمه:
لكن أريد أن تعلمنى الحكمة
نظر إليه الحكيم ثم قال:
انفخ في النار
وهكذا استمر الشاب في النفخ حتى حلّ الليل. في اليوم التالي عاد إلى الورشة وقال لمعلمه:
علّمني الحكمة
نظر إليه معلمه ثم قال:
انفخ في النار
وهكذا
لم يعد الشاب يجرؤ على طلب تعلم الحكمة من معلمه واستمر في النفخ أيام
وشهور وبعد خمس سنوات كان قد نسي سبب مجيئه إلى هذا البلد. فجاء إليه معلمه
وقال له:
يا ولدي. ألا تريد أن تعود إلى بلدك وأهلك؟
قال الشاب:
لكن أريد أن تعلمني الحكمة.
رد الحكيم:
ياولدي. لقد تعلمت الصبر والصبر هو رأس الحكمة. اذهب إلى أهلك فلست بحاجة لمن يعلمك الحكمة بعد الآن.