احذروا الفتن؛ فإنها فساد القلوب، وسبب الهلاك.
تعرض على القلب فتنة فتنة، فإذا قبل القلب الأولى تبعتها أختها؛ حتى يصير القلب أسود مظلمًا.
وكل من أراد أن يعرف نسبة الصلاح في قلبه من نسبة الفساد فيه فلينظر إلى موقفه حينما
يرى حرمةً لله - تعالى - انتهكت، أو فريضة عطلت وأ فتنتة انتشرت. لينظر إلى مدى
اضطراب قلبه إذا رأى منكرًا لا يستطيع تغييره. إنَّ العبد إذا كان
معفيًّا من تغيير منكر لا يستطيع تغييره بيده، ولا إنكاره بلسانه؛ فليس
معفيًّا من إنكاره بقلبه، وحزنه لأجل وجوده.
إنَّ المنكراتِ تَقَعُ، ويراها مسلمون ثم لا يُنْكِرُونها؛ بل لا تتحرك قلوبهم، فتراهم لا يغتمّون ولا يَهْتَمُّون؛
بل يضحكون ويفرحون، ويأكلون ويشربون ويأنسون، فأين هو إنكار القلب ا
لذي ليس وراءه من الإيمان حبة خردل؟! لقد كان سفيان الثوري - رحمه الله تعالى - يقول:
"إني لأرى المنكر فلا أتكلم فأبول دمًا"
وقد روى حُذَيْفَة بن اليَمَان - رضي الله عنهما - قال: "كنَّا عند عمر، فقال: أيكم سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر الفتن؟ فقال قومٌ:
نحن سمعناه، فقال: لعلكم تعْنُونَ فِتنة الرجل في أهله وجاره؟ قالوا: أجل، قال: تلك تكفرها الصلاة والصيام والصدقة؛ ولكن أيكم سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الفتن التي تموجُ موج البحر؟ قال حذيفة: فأسكت القومُ، فقلت: أنا، قال: أنت، لله أبوك! قال حذيفة: سمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((تُعْرَضُ الفتن على القلوب؛ كالحصير عودًا عودًا، فأيُّ قلبٍ أُشْرِبَها نُكِتَ فيه نكتةٌ سوداء، وأيُّ قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنةٌ ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مُرْبَادًّا؛كالكوز مُجَخِّيًا، لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، إلا ما أُشْرِبَ من هواه))، قال حذيفة: "وحدَّثته أنَّ بينك وبينها بابًا مغلقًا يوشك أن يُكسر، قال عمر: أكسرًا لا أبا لك، فلو فُتح لعله كان يعاد، قلت: لا، بل يكسر، وحدثته أن ذلك الباب رجلٌ يُقتل أو يموت، حديثًا ليس بالأغاليط"؛ أخرجه مسلم[1].
أرجو ان يكون الموضوع مفيد